اسد سيناء ابن الصعيد
البطل المصرى كان فلاح بسيط يعيش فى نجع الخضيرات بالأقصر ثم أصبح جنديا بالقوات الخاصة المصرية ثم أصبح أسداً لمعركة من أهم المعارك والتاريخ لا يزال يحتفظ فى خزائنه بالكثير من المفاجآت عن أعظم بطلات فى حروبنا الحديثة ولن يكون سيد زكريا خليل محمد هو الورق الأخيرة فى قصة أكتوبر وما صنعناه فى هذه الحرب وما يمكن أن يصنعه المصريون ، وسيد زكريا مصرى بسيط فلاح معجون بطين هذه الأرض التى عمرها من عمر التاريخ والشهيد واجه فصيلة كاملة من القوات الإسرائيلية فوق تبه بجنوب سيناء لم يرتجف ولم يختبئ ولم يؤثر السلامة فى الآسر وأنما أعلن عن نفسه ،وأنتصر لها ولبلاده وقتل كل أفراد الفصيلة إلا واحداً وهو الذى قتله .
سيد زكريا لم يقتل ، وأنما استشهد وكان استشهاده فى صمت بعيدا عن كاميرات المصورين أو حذلقة المتحاربين المصطنعة ، مات سيد فى صمت لكن أعداءه لم ينسوه الذين ذاقوا الموت على يديه لم يستطيعوا أزاحته من قلوبهم وعقولهم ففتحوا كتابه وأذاعوا صفحاته على الملأ بعد أكثر من خمسة وعشرون عاماً .
من برلين عاصمة ألمانيا خرجت القصة ، إذ ذهب مسئول إسرائيلي كبير إلى رئيسة المكتب الدبلوماسي المصري هناك ، وروى حكاية المعركة البطولية التى أدارها البطل وسلم متعلقاته التى احتفظ بها جندي إسرائيلي سابق كل هذه السنوات لتعود إلى أهله .
تعود بداية القصة او فلنقل نهايتها الى عام 1996 في ذلك الوقت كان سيد زكريا قد عد من ضمن المفقودين فى الحرب، وفى هذا العام أعترف جندي إسرائيلي لأول مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري سيد زكريا خليل, مؤكدا أنه مقاتل فذ وانه قاتل حتي الموت وتمكن من قتل22 إسرائيليا بمفرده.
وسلم الجندي الإسرائيلي متعلقات البطل المصري الى السفير وهي عبارة عن السلسلة العسكرية الخاصة به اضافة الى خطاب كتبه الى والده قبل استشهاده، وقال الجندي الاسرائيلي انه ظل محتفظا بهذه المتعلقات طوال هذه المده تقديرا لهذا البطل، وانه بعدما نجح فى قتله قام بدفنه بنفسه واطلق 21 رصاصة فى الهواء تحية الشهداء.
تبدأ قصة الشهيد بصدور التعليمات في أكتوبر73 لطاقمه المكون من 8 أفراد بالصعود إلي جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول الى الجبل استشهد أحد الثمانية في حقل ألغام, ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بالاختفاء خلف احدي التباب واقامة دفاع دائري حولها علي اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم, وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت50 دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتي تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها.
وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة, ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب غازي أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق, ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلي منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت باحدي التلال وكانت مياه الشرب قد نفذت منهم فتسلل الأفراد أحمد الدفتار وسيد زكريا وعبدالعاطي ومحمد بيكار إلي بئر قريبة للحصول علي الماء, حيث فوجئوا بوجود 7 دبابات إسرائيلية فعادوا لابلاغ قائد المهمة باعداد خطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس, وتم تكليف مجموعة من 5 أفراد لتنفيذها منهم سيد زكريا وعند الوصول للبئر وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر.
وفي طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود 3 دبابات بداخلها جميع أطقمها, فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات علي الفارين منها, وفي هذه المعركة تم قتل12 إسرائيليا, ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتي هليكوبتر تجوب الصحراء بحثا عن أي مصري للانتقام منه, ثم انضمت اليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من احدي الطائرات يطلب من القائد غازي تسليم نفسه مع رجاله.
وقامت الطائرات بإبرار عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندي حسن السداوي باطلاق قذيفة (آر.بي.جي) علي احدي الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة حيث تلقفهم سيد زكريا أسد سيناء برشاشه وتمكن وحده من قتل22 جنديا.
واستدعي الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنودا بلغ عددهم مائة جندي أشتبك معهم أسد سيناء وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بعد رفضه الاستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع افراد الوحدة واحدا تلو الآخر ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار في مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائه, حيث نفدت ذخيرتهما ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندي إسرائيلي خلف البطل وافرغ فى جسده الطاهر خزانه كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكي علي رمال سيناء الطاهرة بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.
واذا كان سيد زكريا قد استحق عن جدارة التكريم, فالواقع أن المجموعة كلها برئاسة قائدها لم تكن أقل بطولة وفدائية, فهم جميعهم أسود سيناء ومصر لاتنسي أبدا أبناءها.
وقد كرمت مصر ابنها البار، فبمجرد أن علم الرئيس مبارك بقصة هذا البطل حتي منحه نوط الشجاعة من الطبقة الأولي، كما أطلق اسمه على احد شوارع حي مصر الجديدة .